}
أهلُ السنّةِ والجماعة{
السنّةُ
- أي سنّةُ رسولِ الله e- هي ما بَيّنَ وفَسّرَ بـها كتابَ اللهِ تعالى قولاً وفعلاً
وتَقْريرًا، وهي الطريقُ المتّبَعُ، وهي دينُ الإسلامِ، لايَزيغُ عنها إلاجاهلٌ
مُبْتَدِعٌ. (الأنوار الرحمانية : 7)
قال الله تعالى:﴿وأَنْزَلْنَاإليكَ
الذِكْرَ لِتُبَيِّنَ للناسِ مانُزِّلَ إليهمْ وَلَعَلّهم يَتَفكّرونَ﴾
النحل: 44.
وقال تعالى:﴿ويُعَلِّمُهم الكتابَ
والحِكْمةَ﴾ البقرة
:129. قال
قَتادة:الحكمةُ السنّةُ.وقال ابنُ زيد:الحكمةُ الدينُ الذي لا يَعْرِفونه إلاّبه e.وقال أبوجعفر:الحكمةُ العِلْمُ بأحكامِ اللهِ التي لَمْ يُدْرَكْ
علمُها إلاّ ببَيانِ الرسول e.(تفسير الطبري: 1/ 207-208 مختصرا ). وقال
النبيّ e:"ألاَ إِنّي أُوتِيتُ القرآنَ ومثْلَه معه" رواه
أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي.
فالسنّةُ تُفسِّر القرآنَ وتُبَيِّنُه وتَدُلّ عليه. (العقيدة الواسطية:
70 ). والتَمسُّكُ بالعُموماتِ مع الغَفْلةِ
عن بَيانِ الرسولِ e بفِعْله وتركِه هو مِنْ
اتّباعِ المُتَشابِه الذي نَهَى اللهُ عنه. (
الإبداع : 32)
ولفظُ
الجماعةِ لَم يَرِدْ في القرآنِ الكريم، وإنّما كثُر وُرودُه في السنة المطهَّرة.والمُتَتبِّعُ
لِمَواضِع وُرودِ هذه الكلمةِ في السنّةِ يَجد أنّها تأتي دائمًا في مُقابَلَةِ
التَفرُّقِ المَذْمومِ، وذلك فى مِثْل قولِه e:
"الجماعةُ رحمةٌ والفُرْقَةُ عذابٌ"رواه
أحمد، وفى
قولِه e:"عليكم
بالجماعةِ وإيّاكم وَالفُرْقةَ "
رواه أحمد والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.
( الجماعة مفهومها وكيفية لزومها: 11)
قال الله تعالى :﴿وَاعْتَصِمُوا بحَبْلِ اللهِ جميعًا ولا
تَفَرّقُوا﴾ آل
عمران : 103. قال أبوجعفر: وتَمَسّكُوا بدينِ اللهِ –
وقال ابن مسعود: بالجَماعةِ – وقال أيضًا: حبْلُ اللهِ الجماعةُ، وقال قَتادة
:بالقرآن – وقال ابْنُ زيد : بالإسْلام – وقال أبوجعفر : ولا تَتَفرّقُوا عن دين
الله وعَهْدِه الذي عَهِد اللهُ إليكم في كتابه، من الائْتِلافِ والاجْتماعِ على طاعتِه
وطاعةِرسولِِه e.( تفسير الطبري: 3/ 378 وما بعدها
مختصرا)
وعلى
هذا يُفْهَم أنّ الجماعةَ من الاجْتماعِ على الأُصولِ الثابتةِ بالكتابِ والسنّةِ
والإجْماعِ، واتّباعِ ما كان عليه السلفُ من لُزومِ الحقِّ واتّباعِ السنّةِ
ومُجانبَةِ البِدَعِ والمُحْدَثاتِ. ويُقابِل الجماعةَ بـهذا المعنى التفرّقُ في
الدين. قال النبيّ e:"وإنّ هذه الأمّةَ ستَفْتَرِق على
ثلاثٍ وسبعينَ مِلّةً كلُّها في النار إلاّ واحدةً وهي الجماعةُ " رواه
أبوداود وغيرُه. والجماعة بِهذا المعنى لا يُشْتَرط لها
كَثْرةٌ ولا قِلّةٌ، بل هي مُوافَقةُ الحقِّ وإنْ خالفَه أكثرُ أهْلِ الأرضِ.
ولهذا لمّا سُئِل ابْنُ المبارك عن الجماعةِ الذين يُقْتَدى بِهم قال:أبو بكرٍ
وعمرُ. وقال ابْنُ راهوَيْه:إِنّ الجماعةَ عالِمٌ مُتَمَسِّكٌ بأَثَرِ النبيّ e وطريقتِه، فمن كان معَه وتَبِعَه فهو
الجماعةُ . وقال ابن مسعود: الجماعةُ ما وافقَ الحقَّ وإنْ كنْتَ وحْدَكَ.
(الجماعة مفهومها وكيفية لزومها : 12-13
مختصرا) . فأهلُ
السنّةِ والجماعةِ هم سلفُ هذه الأمّةِ من الصحابةِ والتابعينَ الذين اجْتَمَعُوا
على الحقِّ الصَريحِ من كتاب الله تعالى وسنّةِ رسولِه e، وإمامُهم
رسولُ الله e. وكلُّ من يَدْعو إلى مثْلِ ما دَعا إليه رسولُ الله e وصحابتُه والتابعونَ لهم بإِحْسانٍ فهو على نَهْجِ السلَفِ (أهْلِ
السنّةِ والجماعةِ) (شرح
الواسطيّة: 15– الوجيز في منهج السلف: 14)